مكة والاقتصاد الإسلامي - 27 أبريل 2016
2021-10-11 608
قَدَرُ مكةَ المكرمةِ أنْ تكونَ الأولى!
لقد كانتْ أولَ أرضٍ صافَحَها الوحيُ القرآنيُّ الكريمُ.
وكانتْ أولَ أرضٍ وطئَ ثراها خاتَمُ النبيينَ صلى الله عليه وسلم.
وكانتْ أولَ أرضٍ تكوَّنَ فيها المجتمعُ الإسلاميُّ الوليدُ الذي امتدَّ من بَعْدُ ليعمَّ الكونَ كلَّهُ.
كذلكَ كانتْ مكةُ أولَ أرضٍ تشهدُ (محفلاً علمياً) يتناولُ قضايا الاقتصادِ الإسلاميِّ بالبحثِ والتمحيصِ والنظرِ.
ففي تلك الليلةَ من شهرِ ربيعٍ الأولِ سنةَ ألفٍ وثَلاثـِمِئَةٍ وخَمْسٍ وتسعينَ للهجرةِ، الموافقةِ لشهرِ إبريلَ من عام ألفٍ وتِسْعِمِئةٍ وخمسةٍ وسبعينَ للميلادِ.. التأمَ في (مكةَ المكرمةِ) شملُ كوكبةٍ من علماءِ الاقتصادِ والشريعةِ في (المؤتمرِ العالميِّ الأولِ للاقتصادِ الإسلاميِّ) بتنظيمٍ من جامعةِ الملكِ عبدِالعزيزِ وقتَها، وبموافقة كريمةٍ من الملكِ الفيصلِ رحمه الله.
وفي السادس والعشرين من جماد الأول سنة 1437هـ الموافق للسادس من مارس 2016م عقد بجامعة أم القرى (المؤتمر العالمي الأول للمصرفية والمالية الإسلامية) لتحقق مكة المكرمة أوليةً علمية جديدة في باب المصرفية الإسلامية بعد أربعة عقود من أوليتها العلمية في باب الاقتصاد الإسلامي.
والفرقُ بين الـمَحْفَلَيْنِ أنَّ الأولَ جاءَ مُنَظِّرا ومُؤَطِّرا لمبادئِ الاقتصادِ الإسلاميِّ، والثاني جاء مراجِعا ومقوِّما بعد أنْ أصبحتِ المصرفيةُ الإسلاميةُ واقعا ينتشرُ في ثمانينَ بلدا ويُديرُ أصولا ماليةً تُقاربُ اثنينِ ونصف تريليون دولار.
فالأولى أوليةٌ في سياقِ التأطير والتنظيرِ.. والثانية أوليةٌ في سياقِ المراجعة والتطويرِ.. وفي الحالينِ فإنَّ (مكةَ المكرمةَ) هي الأمُّ الرؤومُ والحاضنةُ الحنونُ، والبذرةُ الأولى.
لم يكن هذان الملتقيانِ الدَّوْلِيانِ هما الإسهامَ الوحيدَ لمكة في دعمِ مسيرة الاقتصادِ الإسلاميِّ.
فقد كانتْ شعبةُ الاقتصادِ الإسلاميِّ بقسمِ الدراساتِ العليا بكليةِ الشريعة والدراساتِ الإسلاميةِ في جامعة أم القرى أولَ شعبةٍ متخصصةٍ في الاقتصادِ الإسلاميِّ، وهي أولُ صرحٍ أكاديميٍّ يمنحُ درجتي الماجستير والدكتوراه في هذا الاختصاصِ على مستوى العالمِ الإسلاميِّ، فقد تأسست سنةَ ألفٍ وتسعِمئةٍ وثمانيةٍ وتسعينَ، استجابةً لتوصياتِ المؤتمرِ العالميِّ الأولِ للاقتصادِ الإسلاميِّ الذي أشرتُ إليه آنفا.
تحولتْ هذه الشعبةُ سنةَ ألفٍ وأربعِمئةٍ وواحدٍ إلى قسمٍ مستقلٍّ باسمِ: قسمِ الاقتصادِ الإسلاميّ.
وقد احتضنَ هذا التخصُّصُ بمستوياتِهِ المختلفةِ مئاتِ الطلابِ من العديدِ من الدولِ العربيةِ والإسلاميةِ.
ومن العلماءِ الذي دَرَّسُوا الاقتصادَ الإسلاميَّ في جامعةِ أمِّ القرى أسماءً لامعةً لها في ميدانِ الاقتصادِ الإسلاميِّ صولاتٌ وجولاتٌ من طبقةِ الدكتور محمد نجاة الله صديقي، والدكتور حسين حامد حسان، والدكتور شوقي دنيا، والدكتور محمد أنس الزرقا وغيرهم.
وها نحنُ الآنَ نرى هذا القسم وقد أصبحَ كليةً متخصصةً في الماليةِ الإسلاميةِ تُعدُّ نقطةً من نقاطِ قوةِ هذه المؤسسة الأكاديميةِ العريقةِ التي كانت لها بصمةٌ واضحةٌ في خدمةِ مسيرةِ الاقتصادِ الإسلاميِّ.
والخلاصةُ أنّ هذه المدينة المقدسة التي شرُفتْ بنزول الوحيِ كانت السباقةَ في هذه المسيرة الاقتصاديةِ العظيمة التي تتفيأ ظلال الوحي وتأخذُ بأحكامه ومبادئه وتعاليمه.